التعليم في الشمال "شمال حلب"


بعد التقدم الكبير الذي أحرزته الثورة مقلصة عضلات النظام النازي، فجأة ينتشر سرطان المعدة "داعش" الذي بدأ يقلص عضلات الثورة، واستمر مسلسل نفخ العضلات و وخز الأبر لنجد أنفسنا بعد صراع طويل أمام منطقة تحت الحماية التركية تسمى "مناطق درع الفرات".
بعد أن كانت تلك المناطق المسماة منطقة شمال حلب تتبادل الأدوار بين سيطرة الجيش الحر وكتائبه غير المهتمة بالتعليم بل المحاربة له في بعض الأحيان، وسيطرة داعش الذي يبني مدارسه كما بنى دولته ويبني الأجيال كما يبني أفكار مقاتليه المتشددة والبعيدة عن منهج الحق. وهكذا كان التعليم محدودا جدا في تلك الآونة، ناهيك عن حجم الدمار الذي نال كثير من منشآت التعليم، وخروج بعضها إلى مراكز إيواء النازحين.
بعد تولي تركيا حماية تلك المنطقة باتفاقات وصفقات وحروب، بات بالإمكان القول أنه تم حل مشكلة إفراغ منشآت التعليم من النازحين بعد تأمين السكن لهم، وأن العمل على ترميم الكثير من المدارس يقوم على قدم وساق، هذا إن تغاضينا وكففنا النظر عن تلك المبالغ التي يتقاضاها الأتراك عن تلك الإصلاحات، وعن نشر نظامهم التعليمي على تلك المنطقة التي تعاني من أزمات وحروب، والتي من المفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويهيئ لها نظامها التعليمي الخاص بالأزمات في الحروب، يراعى فيه وضع المتعلم والمعلم.
وليس مدار حديثنا أن الأتراك -الذين أدخلوا اللغة التركية إلى المدارس من المرحلة الأولى- هم السبب في عجز هذا النظام التعليمي وتقصيره والفساد الحاصل فيه، بل إن حديثنا يقف عن المسؤولين السوريين في مكاتب التعليم والتربية المتوزعة في أنحاء تلك المنطقة ذات الضمور والقصور المساحي.
مكاتب التربية والتعليم والتي تعتبر بمثابة مديريات تربية تتبع لوزاة التربية التركية في كيلس أو عنتاب بحسب تبعية المنطقة، كان بعضها أشبه بتلك المجموعات المتحاربة على الأرض ومثالا للفساد والمحسوبية في تعيين المعلمين ونقلهم، وأقل ما يقال فيها أنها "حوانيت بقالين" فكل ما يمليه المنسق التركي يطبق دون نقاش أو مراعاة ظروف المنطقة أو مقتضيات المصلحة العامة، بل ربما زادوا أشياء غفل الأتراك عنها كما جرى في الجلاءات المدرسية الأولى.
التخبط الذي عاشته غالبية تلك المكاتب التعليمية  جعلها تخفق في اختيار بعض المعلمين الذين ربما لا يحملون شهادة تعليمية وربما ليسوا بأكفاء، والتغاضي عن تقصير بعض المعلمين الذين تربطهم قرابة ومعرفة بأصحاب السلطة والفوضى، وهذا خطره كبير جدا على الجيل الناشئ .
أما المعلم فيغلب الظن أنه يدخل الصف وهو يفكر كيف يدير شؤون حياته اليومية أو يفكر في عمل يساعده كبيع المازوت أو يفكر بترك التعليم واللجوء إلى دول أوربا، بسبب المعاش المتدني الذي يتقاضاه، وزاد في الطنبور نغما انخفاض سعر صرف الليرة التركية.
إن تضاؤل فرص العمل للمتعلمين في هذه المساحة جعلت الكثيرين يلجأون إلى التطوع في جهاز الشرطة الذي لا يحتاج إلى دراسة وجهد بل دورة مكثفة يصبح بها الشخص شرطيا يتقاضى مرتبه، مريحا نفسه عناء الدراسة والتحصيل العلمي.
ان إبعاد أصحاب الكفاءات والخبرة واستقطاب الجهلة كان غالبا بل ربما منهجا متبعا في بعض تلك المناطق. ثم لا يدري المعلم الذي يسير على الطريق المرسومة هل سيدرس طلابه بعد سنوات معدودة باللغة العربية ؟!!
هل يجب التفكير بمساعدة المتعلم والمعلم في هذه المرحلة لتجاوز قفزة لا بد منها ؟!.
أم أن ما يحصل الآن من عملية تربوية ما هي إلا أرضاء للدول وتمسيح جوخ ؟!.

تقرير : لمى محمد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

زراعة الكرز وبدء موسم القطاف في ادلب.

تحت عنوان #اللطامنة_تباد_بتخاذلكم حملة تنطلق من عدة وكالات وناشطين ومراصد نصرة للبلدة التي تتعرض لعدوان همجي من عصابات الأسد

مقال بعنوان: تل رفعت سلم بلا درجات (ومضة : يا أيها الراقـد كـم ترقـد.. قم يا حبيبا قد دنا الموعدُ..) الكاتبة : لمى محمد