أسعار الصرف بين الدناءة والشرف
"يالله تنام يالله تنام لأذبحلك طير الحمام" هذه أغنية الأم لطفلها قبل النوم، أغنية تهيء له جوا يرسم به أحلامه الوردية .
"يالله يطلع يالله يرتفع الدولار، و أطير مثل الحمام"
هذه أغنية كثير من تجار العملة والازمات والحروب، بل إنها وردهم الليلي قبل النوم الذي يسبحون فيه للدولار ويقدسون عظمة أسعاره.
لم تكن الحرب الدائرة في عموم بلاد المسلمين وسوريا خاصة، مقتصرة على الحرب والدمار والقتل و التشريد بل كان هناك نوع آخر ربما هو الأشد من سابقه والذي جثم على صدور كل الناس سيما الطبقة الفقيرة.
تلك الطبقة التي وجهت كل أسهم الحرب إليها، ولم يعد المواطن يدرك أو يستوعب بأي عملة سيشتري احتياجاته اليومية "بالدولار أم بالليرة السورية أم بالليرة التركية" أم بأيها كان أكثر ولا جدال ولا مبالة.
ظهر في هذه الفترة تجارا لا يعرفون دينا ولا أخلاقا فقط همهم المزيد والمزيد من جمع المال، واعتمد هؤلاء على زج الناس في سوق الصرف تلك السوق التي تحتاج إلى دراسة وتمحيص وفهم ، أقحموا الناس "الذين لا يفقهون بعلم الصيرفة" وتبديل العملات التي لم تثبت يوما منذ انطلاق الثورة السورية، الارتفاع المفاجىء والنزول والصعود لأسهم البورصة جعل المواطن يحتار في أمواله على أي جنب يسيرها، بل و جعل منهم سوقا وغابة لأولئك الذئاب.
الشيء الأكثر أهمية من كل ما سبق هو أسعار المواد الغذائية والمواد الرئيسية اليومية التي يحتاجها المواطن، تلك المواد التي باتت تقاس ليس بالليرة ولا بالدولار بل بالجشع. الجشع الذي يزداد يوما بعد يوم في قلوب التجار ووفقه ترتفع أسعار المواد.
إن الذي يتجول في أسواق سوريا اليوم يعتقد نفسه أنه في أحد أسواق برلين أو واشنطن. و يخيل له أنه يملأ جيوبه "باليورو" و إذ بها مثقوبة بثقوب اشبه بثقب الأوزون.
شهد العالم مذابح ومجازر تاريخية حقيقية إلا أن تلك المذبحة ذات السمية العالية والقاتلة ببطء "أسعار الصرف" هي الأقسى والأشد وطأة.
تقرير : محمد عويد
تعليقات
إرسال تعليق